الحياة والمجتمع

ما هو التنمر الإلكتروني

Advertisement

ما هو التنمر الإلكتروني: دليل شامل

عندما تسمع عبارة ما هو التنمر الإلكتروني قد يتبادر إلى ذهنك السؤال عن ماهية هذا المفهوم الذي بات منتشرًا في عصرنا الرقمي. أنت تعيش اليوم في عالم مفتوح عبر الإنترنت، حيث تتعدد الوسائل والتطبيقات التي تساعدك على التواصل والعمل والترفيه. لكن رغم هذه المزايا الكبيرة، تظهر لك مشكلات جديدة تمس الجانب النفسي والاجتماعي، ومن بين أخطرها التنمر الإلكتروني. في هذا الدليل، ستتعرف بالتفصيل على تعريف التنمر الإلكتروني، وأبرز أنواعه، وأهم أسبابه، بالإضافة إلى الطرق الفعالة للتعامل معه والوقاية منه، سعيًا لتوفير بيئة إلكترونية آمنة ومثمرة لك ولمن حولك.

تعريف ما هو التنمر الإلكتروني

التنمر الإلكتروني يُعرف أيضًا باسم التسلط عبر الإنترنت أو التنمر السيبراني (بالإنجليزية: Cyberbullying). وهو سلوك عدائي متعمد يُمارس ضد الأشخاص عبر الوسائل الرقمية، مثل الهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية، والحواسيب الشخصية. يحدث التنمر الإلكتروني عند استخدام قنوات التواصل الرقمي، بما في ذلك البريد الإلكتروني، ومواقع التواصل الاجتماعي، وتطبيقات المراسلة الفورية، والألعاب عبر الإنترنت، وغيرها من المنصات الإلكترونية. قد تتضمن أساليب التنمر إرسال رسائل تهديد أو مضايقة، أو نشر معلومات شخصية محرجة، أو مشاركة صور غير لائقة، أو خلق حسابات وهمية لإلحاق الأذى أو الإحراج بشخص ما. للأسف، قد يتسبب هذا النوع من التنمر في أضرار نفسية واجتماعية جسيمة، لأنه يستهدف كرامة الأفراد ويستغل نقاط ضعفهم أو معلوماتهم الشخصية.

أنت كفرد في هذا العصر الرقمي، قد تتعرض للتنمر الإلكتروني بطرق مختلفة، حيث يستخدم المتنمرون أدوات التواصل الحديثة للتأثير فيك نفسيًا، وجعلك تشعر بالخوف أو الإحراج. لذا، من الضروري فهم هذا المفهوم بوضوح، وأن تدرك مدى خطورته على صحتك النفسية وعلى جودة حياتك. إن كنت تسأل: ما هو التنمر الإلكتروني تحديدًا، فهو أبعد من مجرد رسائل مزعجة؛ إنه فعل سلبي يستهدف إيذاءك عمدًا بكافة الصور والأشكال عبر الوسائل الرقمية، وقد يأخذ منحنيات خطيرة إذا لم تتم مواجهته بإجراءات حازمة.

التطور التاريخي للتنمر الإلكتروني وكيف بدأ بالظهور

إذا أردت أن تفهم ما هو التنمر الإلكتروني بعمق، فلا بد أن تستكشف جذوره التاريخية وكيف بدأ في الظهور. في السنوات الأولى لاستخدام الإنترنت على نطاق واسع، كانت المساحات الرقمية محدودة نسبيًا ومتمركزة في غرف الدردشة والمنتديات البسيطة. ومع ذلك، سرعان ما استُغلّت هذه المساحات لإيذاء الآخرين عن طريق تبادل الرسائل العدائية أو التشهير بالأشخاص بأسماء مستعارة. ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي في بدايات القرن الحادي والعشرين، تطورت أدوات التنمر الإلكتروني وتوسعت. إذْ صار من اليسير إنشاء حسابات مزيفة تستهدف أفرادًا محددين بنشر محتوى مسيء، أو حتى اختراق خصوصيتهم وعرض معلوماتهم الشخصية أمام العامة.

ومع دخول الهواتف الذكية وتطبيقات المراسلة السريعة إلى الساحة، أصبح التنمر الإلكتروني ظاهرة أكثر خطورة وصعوبة في الرصد؛ ذلك أن معظم الأشخاص يتواجدون على هذه التطبيقات على مدار اليوم، مما يتيح للمتنمر التواصل مع ضحاياه بشكل متواصل. هذا الانتشار جعل خطر التنمر الإلكتروني متزايدًا، وأسهم في تطوير آليات محاربته قانونيًا وتربويًا. إن استعراض هذا التطور التاريخي يُظهِر لك مدى تشعب المشكلة، ويفسر سبب تركيز الخبراء والأخصائيين على ضرورة التوعية المستمرة بأساليب الوقاية واستراتيجيات المواجهة، حتى لا يصبح الإنترنت مساحة غير آمنة للتواصل والتعلم.

أنواع التنمر الإلكتروني

هناك عدة سلوكيات وتصرفات تقع تحت مظلة التنمر الإلكتروني، وقد تكون أنت على علمٍ ببعضها أو تمارس بعضها من دون إدراك حقيقي لآثارها السلبية. إليك أبرز هذه الأنواع:

1. الاستبعاد والاستثناء (Exclusion)
الاستبعاد يعني عمدًا ترك أحد الأشخاص خارج الأحداث أو المجموعات الرقمية. على سبيل المثال، إذا كانت لديك مجموعة دردشة مع أصدقائك، وقررت عدم إضافة أحد أصدقائك للحديث أو النشاط الذي تنظمونه، فهذا قد يُعدّ استبعادًا متعمدًا ويشعر الفرد المستثنى بأنه منبوذ أو أقل قيمة من غيره.

2. التحرش (Harassment)
يندرج تحت مصطلح التحرش الإلكتروني مجموعة من السلوكيات العدائية المتكررة، مثل إرسال رسائل تهديد أو إهانات بهدف مضايقة الضحية وإلحاق الضرر بها نفسيًا. أحيانًا يكون هذا التحرش في شكل تعليقات مسيئة متتالية أو مضايقات عامة عبر الشبكات الاجتماعية.

3. الخداع (Trickery)
هنا يسعى المتنمر إلى كسب ثقتك، كي تدلي له بمعلومات شخصية أو أسرار خاصة بك. بعد ذلك، يقوم المتنمر بمشاركة تلك المعلومات مع آخرين أو نشرها على الإنترنت. هذا النوع خطير لأنه يستغل علاقاتك ويفقدك الإحساس بالأمان والثقة بالآخرين.

4. انتحال الشخصية (Fraping)
في هذا النوع، يُنشئ المتنمر حسابًا وهميًا باسمك على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، وقد ينشر من خلاله منشورات أو تعليقات مسيئة تستهدف الإساءة إلى سمعتك وتدميرها. يمكن أن يضعك ذلك في مواقف شديدة الإحراج أمام أصدقائك أو زملائك أو حتى عائلتك.

5. كشف الأسرار (Doxing/Outing)
يقوم المتنمر في هذه الحالة بنشر معلومات أو وثائق شخصية حساسة للغاية تخصك من دون موافقة مسبقة منك. قد تكون هذه المعلومات صورًا أو رسائل خاصة أو وثائق حساسة، ويكون الهدف من ذلك عادةً الإضرار بسمعتك أو التشهير بك وإلحاق الأذى النفسي بك.

6. المطاردة (Cyberstalking)
المطاردة الإلكترونية تُعَدّ واحدة من أخطر أشكال التنمر الإلكتروني. إذْ يقوم المتنمر بمراقبتك باستمرار، ويرسل لك تهديدات وقد تصل ممارساته إلى المستوى الجسدي في بعض الأحيان، مما يضعك في حالة خوف دائم. يُعدّ هذا النوع من التنمر جريمة جنائية قد يُعاقب المتنمر عليها بالسجن في الكثير من الدول.

7. الإهانة المباشرة (Flaming)
ينخرط المتنمر هنا بإرسال ألفاظ أو تعليقات شديدة العدائية بشكل صريح ومباشر، قد يكون الدافع منها هو إثارتك ودفعك للرد بالمثل، لينتج عن ذلك شجار لفظي علني عبر الإنترنت.

8. التنكر (Fake Profiles)
قد يتخفّى المتنمر خلف حساب وهمي أو اسمٍ مستعار، ويحاول مضايقتك من خلاله. أحيانًا تكون هناك معرفة شخصية بينكما، لكنه يفضل الاختفاء وراء هذا القناع الرقمي كي يستمر في سلوكه العدائي من دون الكشف عن هويته الحقيقية.

9. التصيّد (Trolling)
يقوم المتنمر في هذا السياق بإثارة مشاعرك أو استفزازك عبر تعليقات ساخرة أو مسيئة، هدفها دفعك إلى التفاعل والمواجهة بنفس الأسلوب. إن التصيد يخلق جوًا من النزاعات والأجواء السلبية على المنصات الرقمية، ويؤثر سلبًا في العلاقات الاجتماعية.

لماذا نحتاج إلى وعي أكبر حول ما هو التنمر الإلكتروني؟

من خلال اطلاعك على أشكال التنمر الإلكتروني، تتضح لك الأسباب التي تجعل الوعي بهذه الظاهرة أمرًا في غاية الأهمية. فالإلمام بـما هو التنمر الإلكتروني يدفعك إلى حماية نفسك وحماية من يهمك أمرهم من استغلال الإنترنت لأغراض سلبية وعدائية. في الماضي، كان التنمر ظاهرة مرتبطة بالمدرسة أو أماكن التجمعات الواقعية، لكن مع انتشار التكنولوجيا في كل جانب من جوانب الحياة، بات التنمر يلاحقك إلى هاتفك وحاسوبك اللوحي دون انقطاع أو حدود مكانية أو زمانية.

الوعي بالتنمر الإلكتروني ضروري أيضًا لأنه يسمح لك باكتشاف المؤشرات المبكرة لهذا السلوك، سواء في حياتك أو لدى أطفالك أو إخوتك أو حتى زملاء العمل. إن مجرد شعورك بعدم الأمان عند تصفح الإنترنت، أو ملاحظتك تعاملًا سيئًا متكررًا معك في منصات معينة، يستوجب منك التحرك لاتخاذ الإجراءات اللازمة، مثل التحدث إلى شخص موثوق، أو الاستعانة بالجهات المختصة، أو استخدام أدوات الحظر والإبلاغ في منصات التواصل الاجتماعي. إن الإنترنت أداة فعالة للتعلم والتواصل، لكن مع سوء الاستخدام وعدم الوعي الكافي، يمكنه أن يتحول إلى بيئة مؤذية نفسيًا واجتماعيًا، وهو ما يستلزم منا يقظة دائمة وتعاونًا فعالًا للحد من مخاطر التنمر.

أسباب التنمر الإلكتروني

تتعدد الأسباب المؤدية إلى تفشي التنمر الإلكتروني في المجتمع، وتشمل عوامل شخصية واجتماعية وأسرية وغيرها. من هذه العوامل:

أسباب شخصية: قد يلعب العمر، والجنس، ومدى الرفاهية المادية، ومدة استخدام الإنترنت دورًا في تشكيل سلوك المتنمر. بعض الأشخاص الذين لا يتحلّون بقدر كافٍ من التعاطف، أو يفتقرون إلى مهارات التواصل الصحي، قد يكونون أكثر عرضة للانخراط في التنمر الإلكتروني.

أسباب أسرية: عندما تكون العلاقة بين أفراد الأسرة مضطربة، أو حين يعيش الفرد وسط بيئة تتسم بالعنف اللفظي أو الجسدي، فإنه قد يعكس هذه الطاقة السلبية في العالم الرقمي. إضافة إلى ذلك، فإن غياب الرقابة الأبوية أو الإشراف المناسب على استخدام الأبناء للإنترنت قد يسهم في تنمية سلوك التنمر.

أسباب مدرسية: تلعب طبيعة المدرسة وثقافتها وإدارتها دورًا مهمًا في الحد من التنمر أو تفاقمه. فحينما يغيب الوعي داخل المدرسة بأهمية احترام الآخرين، ولا تُقدَّم التوجيهات الكافية حول السلوك الرقمي الصحيح، يصبح بعض الطلبة أكثر عرضة للوقوع في فخ التنمر الإلكتروني، سواء كانوا متنمرين أو ضحايا.

أسباب اجتماعية وبيئية: يؤدي تأثير المجتمع والمحيط الثقافي دورًا كبيرًا في تشكيل السلوك الرقمي. قد تُسهم المعايير الثقافية أو الضغوط الاجتماعية في دفع الأفراد للتنمر كوسيلة لإثبات القوة أو كسب الشعبية عبر الإنترنت. علاوة على ذلك، قد تخلق بيئات العمل التنافسية الشرسة مناخًا للتنمر الإلكتروني بهدف تقويض المنافس أو الزميل.

أسباب أخرى: في أحيان كثيرة، يشعر المتنمر بالقوة والسيطرة عندما يتسبب في إلحاق الأذى بالضحايا. ويسعى البعض إلى اكتساب نفوذ اجتماعي أو جذب الانتباه عبر التعدي على الآخرين على المنصات الرقمية. بالإضافة إلى أن العلاقات الأسرية غير المستقرة تؤدي في كثير من الأحيان إلى سلوكيات عدائية، إذ يفرّغ الشخص شحناته السلبية من خلال التنمر على الآخرين في الفضاء الإلكتروني.

ما هو التنمر الإلكتروني مقارنةً بالتنمر التقليدي؟

عندما تطرح سؤالًا: ما هو التنمر الإلكتروني، من المهم أن تتعرف على الفرق بينه وبين التنمر التقليدي الذي يجرى عادة في البيئات الواقعية مثل المدرسة أو الشارع أو مكان العمل. فالتنمر التقليدي غالبًا ما يقتصر على وجود جسدي أو تفاعل وجاهي بين المتنمر والضحية، مما يتيح فرصة للشهود للتدخل أو المساندة، كما يضع بعض الحدود لسلوك المتنمر نظرًا لوجود مراقبين أو إشراف مباشر.

أما التنمر الإلكتروني، فيتميز باستمراريته على مدار الساعة ومرونة مكان حدوثه؛ إذ يمكن أن يحدث بأي وقت ومن أي مكان، فلا يضطر المتنمر إلى الوجود جسديًا مع الضحية. إضافة إلى ذلك، تمتاز الطبيعة الرقمية بسهولة نشر المعلومات أو الصور أو الفيديوهات المسيئة، ما يزيد من صعوبة احتواء الموقف بسرعة. في التنمر التقليدي قد تكون هناك علامات جسدية واضحة كالخدوش أو الكدمات أو علامات الانزعاج في المحيط الواقعي، بينما في التنمر الإلكتروني قد يصعب على الآخرين ملاحظة علامات الأذى، لأنها تتمثل في العزلة، أو التوتر، أو الاكتئاب، أو حتى تغيرات سلوكية خفية. إن فهم هذه الفوارق يساعدك في اعتماد الإجراءات المناسبة لمواجهة كل منهما بفاعلية.

آثار التنمر الإلكتروني

لا يمكن الاستهانة بتأثير التنمر الإلكتروني على الأفراد والمجتمعات، فهو قد يترك آثارًا نفسية وجسدية واجتماعية مدمرة. إليك التفاصيل:

آثار التنمر الإلكتروني على الفرد

1. قلة احترام الذات:
قد تشعر بأنك أقل قيمة من الآخرين عندما يُنتقد مظهرك أو سماتك الشخصية، ما يدفعك إلى الانطواء أو الحرج ويتسبب في تقليل ثقتك بنفسك أمام أقرانك أو زملائك.

2. الاكتئاب والقلق:
يؤدي التعرض المستمر للمضايقات عبر الإنترنت إلى شعورك بالحزن العميق والتوتر، وقد يتطور الأمر إلى الاكتئاب. المشكلة تكمن في أن كثيرًا من الضحايا يشعرون بالخوف أو الخجل من طلب المساعدة، فتصبح المشكلة أكثر تعقيدًا.

3. أمراض جسدية:
من المدهش أن التوتر الناتج عن التنمر الإلكتروني لا يقتصر على الجوانب النفسية فحسب، بل قد يتسبب في ظهور أعراض جسدية مثل الصداع، والأرق، وآلام الصدر، واضطرابات في الجهاز الهضمي أو الجلد.

4. الأفكار الانتحارية:
في الحالات الشديدة، قد يصل الضحية إلى مرحلة يشعر فيها باليأس التام، فيفكر في إنهاء حياته باعتبار ذلك المخرج الوحيد من المضايقات والضغوط النفسية المستمرة.

آثار التنمر الإلكتروني على المجتمع

تنعكس هذه السلوكيات السلبية على المجتمع ككل؛ إذْ يؤدي تفشي التنمر الإلكتروني بين الأفراد، لا سيما المراهقين، إلى نشر القلق والتوتر، وقد يتسبب في خلل بالعلاقات الأسرية عندما يشعر الآباء بالعجز تجاه حماية أبنائهم. أما في البيئة المدرسية، فقد يؤثر التنمر الإلكتروني في التحصيل الدراسي والقدرة على التطور العاطفي والاجتماعي للطلاب. ومع تحول الإنترنت إلى عصب الحياة الحديثة، يصبح من الضروري رفع مستوى الوعي وتطبيق القوانين الرادعة لضمان بيئة إلكترونية تحافظ على سلامة الجميع وتحفظ كرامتهم.

دور التكنولوجيا الحديثة في مكافحة ما هو التنمر الإلكتروني

يتساءل كثيرون: ما هو التنمر الإلكتروني وكيف للتكنولوجيا ذاتها التي تستغله أن تكون أداةً فعالة لمحاربته؟ في الواقع، تتطور المنصات الرقمية باستمرار لتشمل خواص أمنية متقدمة تحمي المستخدمين، مثل أدوات الحظر والإبلاغ عن الحسابات المسيئة، وخوارزميات تميّز المحتوى غير اللائق وتحظره. على سبيل المثال، تطبق بعض مواقع التواصل الاجتماعي أنظمة ذكاء اصطناعي لمراقبة التعليقات واكتشاف الرسائل التحريضية أو العنيفة في وقت مبكر، كما تطلق خاصيات تحد من التعليقات المسيئة أو الفورية قبل وصولها للضحية.

ولا يقتصر الأمر على مواقع التواصل الاجتماعي فحسب، بل تعمل العديد من الحكومات والمنظمات الدولية على تطوير تطبيقات توعوية ومشاريع تدريبية للمعلمين والآباء تركز على نشر ثقافة الاستخدام الآمن للإنترنت. من جانب آخر، تُشجع منصات الألعاب الإلكترونية المستخدمين على الإبلاغ عن السلوكيات العدائية، وتوفر خاصية الدردشة الآمنة التي تقلل من فرص التواصل المؤذي. بهذه الطريقة، تتحول التكنولوجيا إلى حليف قوي في مكافحة ما هو التنمر الإلكتروني ومنعه من التفاقم. ورغم أهمية هذه الجهود التقنية، يبقى وعيك ورقابتك على تفاعلاتك الرقمية هو الأساس الذي يضمن سلامتكم وسلامة أفراد عائلتك.

  • عقوبة التنمر الإلكتروني

قد لا يُنظر إلى التنمر الإلكتروني دائمًا كجريمة مستقلة في العديد من التشريعات، لكنه في غالب الأحيان يجعل المتنمر تحت طائلة القانون، وخاصة إذا لجأ إلى أساليب تهديدية أو تحريضية. فيما يلي نظرة مبسطة على بعض القوانين ذات الصلة:

1. قانون الحماية من التحرش (1997):
إذا أدى المحتوى الإلكتروني إلى مضايقتك أو تهديدك، فقد يُعتبر فعلًا مجرمًا. ويتضمن ذلك إرسال رسائل بريد إلكتروني مقلقة أو أي وسيلة تواصل أخرى تسبب لك الخوف أو القلق. تتراوح العقوبة بين السجن لمدة ستة أشهر ودفع غرامة مالية، أو تطبيق العقوبتين معًا. وفي حال تصاعد الأمر إلى تهديد جسدي أو تخويف متعمد، قد تصل العقوبة إلى السجن خمس سنوات.

2. قانون الاتصالات غير اللائقة (1988):
أي اتصال إلكتروني يتضمن تهديدات أو معلومات كاذبة تثير الخوف أو الاضطراب لدى الضحية، قد يؤدي بالمتنمر إلى الوقوف أمام القانون. في حال الإدانة، يمكن فرض عقوبات بالسجن تصل إلى ستة أشهر، أو غرامة مالية تبلغ 5000 جنيه إسترليني، أو كليهما.

نصائح للتعامل مع التنمر الإلكتروني

عند تعرّضك للتنمر الإلكتروني، قد تشعر بالعجز أو الارتباك، لذا إليك بعض الخطوات العملية التي تساعدك على المواجهة والتصدي:

1. تذكّر أنه ليس خطؤك:
عليك أن تدرك أولًا أن تصرفات المتنمر لا تعكس شخصيتك أو قيمتك، بل تعكس سلوكه السيئ. لذا، لا تُحمّل نفسك مسؤولية ما تتعرض له.

2. عدم الرد:
قد يمنحك الرد إحساسًا مؤقتًا بالقوة، لكنه عادة ما يزيد الموقف سوءًا. تجاهل المتنمر وحاول الانسحاب من الجدل فورًا، فذلك يحد من قدرة المتنمر على التأثير فيك.

3. الاحتفاظ بالأدلة:
قم بالتقاط صور للشاشة أو الاحتفاظ بالرسائل المسيئة، فقد تحتاجها في وقت لاحق للإبلاغ الرسمي أو للحصول على المساعدة من جهات مختصة.

4. مواجهة المتنمر بحزم:
إن أمكن، اطلب من المتنمر أن يتوقف عن سلوكه. يمكنك التدرّب على هذا الموقف مسبقًا مع شخص موثوق. ومع ذلك، إذا كان الوضع يهدد سلامتك الجسدية، فلا تتردد في اللجوء للشرطة أو الجهات القانونية.

5. طلب الدعم:
لا تقلل من أهمية الحديث مع صديق مقرّب أو شخص بالغ تثق به حول ما يحدث لك. ففي كثير من الأحيان، يساهم الإفصاح عن مشكلتك في تخفيف الضغط النفسي وإيجاد الحلول المناسبة.

6. استخدام خاصيات الحظر والإبلاغ:
من المهم أن تستفيد من أدوات الحماية التي توفرها منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات. استخدم ميزة الحظر (Block) لمنع المتنمر من التواصل معك، وقم بالإبلاغ عنه إذا واصل ممارساته العدائية. وإذا اشتدت التهديدات ووصلت إلى التهديد بإيذاء جسدي، تواصل مع الشرطة أو السلطات المعنية فورًا.

حقائق صادمة عن التنمر الإلكتروني

أظهرت دراسة شملت أكثر من عشرين ألف شخص في 28 دولة حول العالم، أن نسبة كبيرة من الأهالي أفادوا بتعرض أطفالهم لشكل واحد أو أكثر من أشكال التنمر الإلكتروني. هذه النسبة المقلقة تدل على مدى انتشار التنمر بين الفئات العمرية الأصغر، حيث تجدهم يقضون وقتًا طويلًا أمام الشاشات ويتفاعلون مع أقرانهم في منصات مفتوحة وقليلة الرقابة.

كما كشفت أبحاث أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية أن حوالي 36% من اليافعين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عامًا كانوا ضحايا للتنمر الإلكتروني خلال آخر 30 يومًا. فيما تبيّن أن قرابة 22% من هذه الحوادث تضمنت نشر شائعات مسيئة على الشبكة. تذكر هذه الإحصاءات لتسلط الضوء على مدى الحاجة الملحّة لوضع ضوابط أكثر صرامة، ولتذكيرك بأهمية دورك في الوعي والتوعية، وحماية نفسك والآخرين من تبعات هذه الظاهرة المدمرة.

خلاصة: مواجهة ما هو التنمر الإلكتروني بحزم ووعي

إن كنت تتساءل باستمرار ما هو التنمر الإلكتروني، فقد حان الوقت لتدرك أنه يتعدى نطاق الرسائل المزعجة أو الانتقادات العابرة، إذ إنه ينطوي على أذى نفسي عميق وانتهاك لحقوق الضحايا على منصات يفترض أن تكون آمنة ومفيدة. إن إدراك خطورة التنمر الإلكتروني ومعرفة طرق الحماية والمواجهة القانونية والنفسية، هما الأساس الذي يضمن لك بيئة إلكترونية أكثر أمانًا وإيجابية. وبالوعي، والتكاتف الأسري والمجتمعي، وتطبيق القوانين الرادعة، نستطيع الحد من انتشار هذا السلوك السلبي. تذكّر دومًا أنك لست وحيدًا، وأن الدعم والمساندة متوافران سواء من الجهات الرسمية أو من الأهل والأصدقاء. احرص على حماية خصوصيتك، ولا تتردد في استخدام آليات التبليغ والحظر، واطلب المساعدة عند الحاجة. فسلامتك وراحتك النفسية هما الأولوية التي يجب صونها في عالم رقمي لا يتوقف عن التطور، بل يجب علينا نحن أن نتطوّر معه نحو الأفضل.

إسمي فاطمة العتيبي، حاصلة على الدكتوراه في الصيدلة، أعمل كصيدلانية مسؤولة ولدي العديد من الأبحاث العلمية في مجال الصيدلة. أيضًا، أنا مصورة ومهتمة بالمعرفة بجميع أشكالها. شغوفة باللغة العربية ومهتمة بإثراء المحتوى العربي.

السابق
تفسير حلم عطية الميت
التالي
تفسير العنكبوت في الحلم

Advertisement